اذا اردنا ان نسعد في تعاملنا مع الناس , فلنكف عن التفكير في
امر الأقرار بالجميل او انكاره , وليكن مانقدمه من خير خالصا
لوجه الله واسعاد نفوسنا بالآخرين , يقول ارسطو ان الرجل
المثالي يجد متعة في تقديم المعروف وخدمة الآخرين ولكنه يخجل
ان يتلقى عونا من احد ويرى من النبل والرفعة ان يصنع المعروف
للناس لوجه الله , ومن مظاهر النقص والخسة ان ينتظر منهم
المعروف . منذ الآف السنين والآباء يضجون بالشكوى من نكران
ابنائهم وبناتهم للجميل ,ولكن كيف يقر الأطفال بالجميل اذا لم
ندربهم على ذلك منذ طفولتهم . ان نكران الجميل كالأعشاب التي
تنبت في التربة والأعتراف بالجميل كالورود التي لابد من
مراعاتها بالري والعناية والحماية حتى تكبر وتزهر . ان العاقل
لاينتظر ابدا ان يعترف بجميله او ان يقابل احسانه بمثله فان
حدث هذا على غير انتظار فلا شك ان يكون مفاجأة سارة ام اذا لم
يحدث فانه لن يكون مدعاة للغضب والندم والهموم . هنالك قصة عن
امرأة تشكو من نكران الجميل وخاصة افراد اسرتها فاذا زرتها
تحدثك ساعات عما صنعت لاولاد اخيها حينما كانو اطفالا وانفقت
عليهم بعد وفاة والدهم حتى تخرجوا من الجامعة وتزوجوا ولكنهم
لايزورونها الا نادرا جدا , الواقع هم لم ينسوا جميلها ولكن
ابتعدوا عن زيارتها لانهم سوف يرغمون في كل زيارة الى ان
يستمعوا ساعات وهي تمن عليهم وتؤنبهم على ماصنعت لهم وانفقت
عليهم مما يدفع هؤلاء الأشخاص الى تجنب زيارتها , وهنالك الوف
النساء مثلها يلقين بانفسهم الى الشقاء باطالة التفكير في عدم
اعتراف الناس بجميلهن .فاذا اردنا ان يكون ابناؤنا يعترفون
بالجميل وافضالنا عليهم فينبغي ان نكون نحن كذلك مع الآخرين ,
ان الطفل منذ ان يحبو ينقل ويقلد مانفعله لذا يجب ان نعني
بالشكر لكل مايقدم لنا امامهم وان لانتحدث بسوء عن شخص عاملنا
معاملة طيبة ونغرس في نفوسهم الوفاء ونعلمهم على مقابلة
الأحسان بالأحسان .
|